التقنية بين الماضى والحاضر وكيف نشأت شبكة الانترنت؟

يوميء تاريخ شبكة الإنترنت إلى عدد من الناس، كما أن هناك احتماليّة إلقاء فردٍ ما تعليقًا ساخرًا بخصوص ادعاء آل غور اختراعه للإنترنت، حيث صرّح الأخير بأنه من اتخذ زمام المبادرة في تأسيس شبكة الإنترنت، وقد روّج لتحسين الإنترنت بصفته عضوًا في مجلس الشيوخ ونائبًا لرئيس أميركا. تتساءل كيف بدأ الإنترنت؟ صدّق أو لا تصدّق أنّ مطلع الإنترنت ترجع إلى الأقمار الصناعيّة! ففي عام 1957 أطلق التحالف السوفييتي مركبة سبوتنيك، وهي أول قمرٍ صناعيٍّ من صنع الإنسان، وشكّل النبأ صدمةً للأمريكيين، حيث كانت الحرب الباردة في قمتها، ويعد كلٌّ من أميركا والاتحاد السوفييتي الآخر عدوًا، وفي حال تمَكّن التحالف السوفييتي افتتاح قمرٍ صناعيٍّ إلى الفضاء، فهو قادرٌ على تدشين صاروخٍ على أمريكا التي بالشمال
 وفي عام 1958 أنشأ الرئيس دوايت أيزنهاور Dwight D. Eisenhower وكالة مشروعات للأبحاث المتقدمة آربا ARPA كردٍّ على تدشين مركبة سبوتنيك، وقد كان الغاية من إنشائها إعطاء الولايات المتحدة الامريكية تكنولوجيا تميزها عن غيرها من البلاد والمدن الأخرى، وشكّل معرفة الحاسب واحد من أبرز مهمات الوكالة. في عام 1950 كانت أجهزة الحواسيب كبيرة جداً جدًّا لدرجة أنها كانت تعم حجرة بأكملها، و لديها جزءًا طفيفًا من الطاقة والقدرة على المعالجة مضاهاةً بأجهزة الحواسيب الجديدة. ومن الممكن لعدة الحواسيب قراءة شريط الالتحاق المغناطيسي أو البطاقات الإلكترونية المثقبة لاغير، ولم تكن هناك كيفيةٌ للربط الشبكي بين الحواسيب. لم تهدف آربا إلى تحويل هذا، بصرف النظر عن أنها طلبت المعاونة من مؤسسة بي بي إن (BBN) لتأسيس شبكة الحاسب الآلي، واضطرت الشبكة للاتصال بأربعة أجهزة حواسيب تعمل على أربعة أنظمة تشغيلٍ غير مشابهةٍ دعوها بشبكة آربانيت (ARPANET). لولا آربانيت، لن تظهر الإنترنت بالصورة التي تظهر عليها اليوم، وربما لن يكون لها أيّ وجودٍ. ورغم عمل مجموعاتٍ أخرى على العثور على أساليبٍ لربط الحواسيب سوى إن آربانيت أنشأت بروتوكولًا استخدم على شبكة الإنترنت اليوم، ولولاها لاستغرق الشأن عدّة سنينٍ قبل مسعى أيّ فردٍ العثور على أساليبٍ للتسجيل إلى شبكاتٍ إقليميةٍ بالاشتراك مع منظومةٍ أضخم. وفي عام 1973 بدأ المهندسون بالبحث عن أساليبٍ لربط آربانيت مع حزمة الشبكة اللاسلكية برانيت PRNET، وتربط تلك الشبكة أجهزة الحاسب عبر أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي
 وبدلًا من إرسال المعلومات عبر خطوط التليفون فإن أجهزة الحاسب تستخدم موجات المزياع، وقد استغرق ذلك الشأن ثلاث أعوام، ولكن في عام 1976 نجح المهندسون بربط الشبكتين معًا. في عام 1977، ضمّ التقنيون شبكة الأقمار الصناعية ساتنيت SATNET إلى الشبكتين الأخريين، وقد أطلقوا اسم الربط البيني inter - networking على عملية الربط بين الشبكات المتنوعة، واستخدموا مصطلح الإنترنت internet للاختصار، وقريبًا ستنضم شبكات الحاسب الآلي الماضية، وستشتمل على شبكات يوزنت USENET، وبيتنت BITNET، وشبكة علوم الحاسب CSNET، وشبكة الشركة الوطنية للعلوم NSFNET. في عام 1990 طوّر تيم بيرنر-لي Tim Berners-Lee نسقًا مصممًا لتيسير تصفح الإنترنت، وبمرور الوقت بات ذلك الإطار معلومًا باسم شبكة الإنترنت الدولية، سوى إن الشأن لم يستغرق وقتًا طويلًا لينتشر غير دقيقٌ ذائعٌ بين الناس باعتبارهم الإنترنت وشبكة الويب الشيء نفسه. فالإنترنت هو الترابط الدولي للشبكات الحاسوبية حيث تُعتبر شبكة الإنترنت الدولية طريقًا لتصفح تلك الشبكة الكبير جدا، فهي مثل مضاهاة الباخرة بالمحيط. كان أكثرية مستخدمي الإنترنت الأوائل من المستوظفين الحكوميين، والعسكريين، وطلبة الدراسات العليا، وعلماء الحاسب. وباستخدام شبكة الإنترنت الدولية، بات الوصول إلى الإنترنت أكثر يُسرًا، وبدأت الكليات والجامعات التواصل بالإنترنت، وسرعان ما تبعتها المؤسسات. وبحلول عام 1994 أصبحت التجارة من خلال الإنترنت حقيقةً واقعةً. أما وفي الوقت الحاضر فإن الإنترنت أكثر تعقيدًا من أيّ وقتٍ مضى، حيث أنه يربط أجهزة الحاسب، والأقمار الصناعية، والأجهزة النقالة، وغيرها من الأدوات في شبكةٍ أكبر وأعقد بملايين المرات من شبكة آربانيت الأصلية. وبالتفكير، نحن مدينون بكلّ شيءٍ إلى الساتلايت الكروي الشكل، الذي يدور أميالًا فوق سطح الأرض والذي قام بإطلاقه التحالف السوفييتي، وهو صاحب الدور الرئيسي بوجود الإنترنت.